:

الاختراق الخطير : لقاء الأمة و قوى الانقلاب

top-news

!

بقلم : طه النعمان
* هؤلاء الذين جلسوا مع القيادة العليا لحزب الأمة " القومي " بداره على شارع الموردة بامدرمان أمس هم دعاة الانقلاب و المحرضين الأساسيين  عليه .. هم ناس اعتصام القصر و الحاضنة السياسية للانقلاب وكان هتافهم الرئيس حينها : " الليلة ما بنرجع إلاّ البيان اطلع" .. ليطلع بيان الانقلاب ، الذي جاء استجابة لذلك النداء. 
* هدف الاجتماع واضح و هو شق جبهة المقاومة للانقلاب ، استغلالاً للمرونة المعروفة لدى الحزب ، فعوضاً أن تكون هذه المرونة لمصلحة تمتين الجبهة الشعبية العريضة الداعمة للثورة و التغيير .. تمكنوا الآن ، و ببراعة يحسدون عليها ، من عكس البوصلة و توجيهها لمصلحة جبهة الانقلاب و الردة على الثورة  - الردة التي لم تعد "مستحيلة" كما كان يردد ذلك الهتاف الثوري المتفائل المبشر - بعد هذا الاختراق الجريء و المنظم بدقة لحزب الأمة، عبر العناصر العسكرية و الأمنية المتغلغلة فيه و التي تصدرت الاجتماع الخطير ..العناصر العسكرية و الأمنية ذات الرتب العليا التى انضمت للحزب في أوقات سابقة و بلغت مستويات القيادة العليا فيه منذ أيام رئيسه الراحل السيد الصادق المهدي رحمه الله و كان دورهم منذ ذلك الوقت هو الدفع بالحزب إلى التصالح و التواصل مع نظام الإنقاذ.
* و أقدرُ أن ذلك كان هو الدافع الرئيسي لا ستقالتي دكتور إبراهيم الأمين، السابقة و هو أمين عام للحزب و الحالية وهو نائب للرئيس.. فالرجل سياسي معتق و مثقف كبير و امتاز بحس وطني عالٍ و قدرة و جراءة على التعبير عن المواقف التي توافق قناعاته و حرية ضميره اليقظ دائماً ، كما راقبنا سلوكه و مواقفه السياسية.
 * كان ما يلجم تلك الثلة العسكرية الأمنية عن إكمال دورهم المرسوم في مشروع المصالحة و اندغام الحزب نهائياً في مشروع النظام ، نوعاُ ما، هو نظرة السيد الصادق الثاقبة و إدراكه كسياسي مخضرم و مجرب لمخاطر و عقابيل مثل تلك خطوة الاندغام تلك ، التي كانت كفيلة بالقضاء على المستقبل السياسي للحزب حال سقوط النظام و حزبه جزءاً منه ، و كان المثال أمامه شاخصاُ  في ما حدث مع ابن عمه المنشق و الملتحق مبارك الفاضل و حزبه الذي حمل عنوان " الإصلاح و التغيير ..  كما كانت لديه القدرة في السيطرة على عناصر الاختراق هذه وتحويلها إلى أدوات اختراق مضاد ، بحكم خبرته و دعائه، و حصر نشاطها في دور  "العميل المزدوج" لتليين غلواء النظام الباطش عليه و على الحزب و كيان الأنصار الذي يؤمَه .
* لكن برحيل الإمام تقدم هؤلاء ، و لو مؤقتاً ، إلى مواقع القيادة صاحبة القرار و باتت  ليهم الجرأة على تجاوز مؤسسات الحزب و قراراتها و التصرف باسمه وتحت راياته كما يحلوا لهم و وفق تقديراتهم ، كما  شاهدناهم  مؤخراً يصولون ويجولون في مجالس قادة الانقلاب فور وقوعه دون رادع أو محاسبة من جانب مؤسسات الحزب.
 * تلك ألمؤسسات الضعيفة بطبيعتها و لم تكن تملك قراراً ديمقراطياً حاسماً منذ أيام الإمام الراحل الذي كان يستحوذ على القرار النهائي و صناعة السياسات وحده لا شريك له ، باعتباره الزعيم و المرجع الأعلى " الإمام" الذي لا مُعقب على فتواه.. مما قاد لانقسامات مشهودة و كبيرة و كثيرة التحق بعض قادتها بالنظام و شاركوه على عينك يا تاجر ، كما سلفت الإشارة .. و الأسماء معروفة و مشهورة بحكم مواقعها العليا في مؤسسات حكم الانقاذ السياسية و التنفيذية و التشريعية.
* على كل حال الخطوة السياسية التي شكلها هذا "اللقاء/ الاختراق" المفاجئ ستلقي بظلال سالبة على وحدة قوى الثورة و على تحالف قوى الحرية و التغيير " المجلس المركزي " خصوصاً ، و على مجمل الحراك الشعبي المقاوم للانقلاب، و سيمثل بأي حسابات سياسية انتصاراً مهماً في هذه اللحظات المفصلية في تاريخ بلادنا لقوى الردة و الانقلاب في وقت يتطلع فيه الناس إلى وحدة قوية و فاعلة لقوى الثورة و التغيير مع اقتراب ذكرى " 30 يونيو 2019".. يوم  الخروج الكبير للرد على فض الاعتصام و المجزرة البشعة التي رافقته في مطالع ذلك الشهر من ذلك العام .

هل لديك تعليق؟

لن نقوم بمشاركة عنوان بريدك الالكتروني، من اجل التعليق يجب عليك ملئ الحقول التي امامها *