:

 *مشاهد من جنازات  المغتربين*  د. مصطفى محمد مصطفى

top-news

**لسان الحال* 

 

ليس هناك خطأ  في عنوان هذا المقال بل تم استخدام كلمة جنازات بدلا عن إجازات عن عمد وذلك للدلالة على ما لمسته  من القلق والخوف والحزن وسط الكثير من المغتربين وعوائلهم من مجرد التفكير في أنه قد آن اوان الاجازات وازفت ساعة العودة الى ارض السودان الحبيب ولو موقتا. نعم السودان الحبيب حيث الام والاب والخالات والعمات، اما الاخوة والاصدقاء فهم مغتربون ايضا ومنتشرون اما معنا او حولنا او هائمون في بلاد الله الواسعة ولاشك انه ينتابهم ما ينتاب الاخرين من رغبة في قضاء الاجازة في السودان وخوف. 
 عرفت الكثير من المغتربين الذين بعثوا اسرهم لقضاء الاجازة في دول اخرى ليس  طلبا للسياحة والمتعة والترفيه وليس لانهم لايرغبون في رؤية اهلهم وزيارة اقاربهم ولكن خوفا من قتل يقتل وخطف يخطف ذلك لانهَم يعلمون انهم مستهدفون كمغتربين رغم ان اغترابهم هو في الاساس من اجل عيش الكفاف. 
 نعم يخشى المغتربون قضاء الاجازة وسط اهلهم في السودان ليس جبنا منهم ولا تأففاً ولكن ليتجنوا الخوض في حروب نفسية وقلق لا داعي لهما وهم مع ذلك يكفكفون دموع الشوق الى اهلهم وبيوتهم التي عمروها لتسكنها الاشباح. 
هم يعلمون المعناة التي يعيشها اهلهم ويعملون بجهد لدعم زويهم ماديا ليجعلونهم يعيشون مستوري الحال ويحاولون ان يجنبوا انفسهم ومرافقيهم فقدان الامن والامان ليستمروا في وظيفتهم كمتطوعين خارج الحدود في فرق الانقاذ  العائلية. 
بل عرفت اكثر المغتربين تمسكا باهلهم في السودان وقد استدعوا ابائهم وامهاتهم واباء وامهات ازواجهم في زيارات عائلية الى دول عربية واجنبيه ليقضوا معهم الاجازات خارج السودان حفاظا على روح التواصل واستشعارا لدفء الحبوبة وحنان الجد. 
لقد كانت الاجازة السنوية للمغتربين بمثابة مولدات الطاقة التي يستعينون بها للاستمرار في العطاء واصبحت اليوم مبعثا للقلق والمشاكل العائلية والخوف على الابناء. 
لقد شيّد المغتربون بيوتا ليسكنوها فدعى افراد التمرد الى هدمها بينما نصحهم قادتهم بحكمتهم ان يسكنوها. يبقى على المغتربين دورا وطنيا في الاسهام في استعادة الديمقراطية ومحاربة الانقلاب العسكري بالوسائل المتاحة لهم ان ارادوا استتباب الامن واستقرار الوضع المعيشي ليعودوا الى بلادهم نهائيا  او يعاودوا  دورة المجئ والذهاب في الاجازات وليس الجنازات السنوية.

هل لديك تعليق؟

لن نقوم بمشاركة عنوان بريدك الالكتروني، من اجل التعليق يجب عليك ملئ الحقول التي امامها *