:

استراحة في صالون الطيب صالح

top-news



( قصاصات ) 
وكان الزين يبدو مثل الديك، لا بل أجمل، مثل الطاووس، ألبسوه قفطانا من الحرير الأبيض ومنطقوه بحزام أخضر، وعلى ذلك كله عباءة من المخمل الأزرق، فضفاضة يملأها الهواء فكأنها شراع , وعلى رأسه عمامة كبيرة تميل قليلا إلى الإمام، وفي يده سوط طويل من جلد التمساح. وفي اصبعه خاتم من الذهب، يتوهج في ضوء الشمس نهارا ويلمع تحت وهج المصابيح بالليل، له فص من الياقوت، في هيئة رأس الثعبان، كان منتشيا دون شرب من الضجة الكبيرة التي تضج حوله. يبتسم ويضحك يدخل ويخرج بين الناس يهز بالسوط، ويقفز في الهواء يربت على كتف هذا، ويجر هذا من يده، ويحث هذا على الأكل، ويحلف على هذا بالطلاق أن يشرب، وقال له محجوب:” دحين أصبحت بني آدم، حلفتك بالطلاق يا دوب أصبح ليها مغنى “.
جاء تجار البلد وموظفوها ووجهاؤها وأعيانها. وحضر أيضا الحلب المرابطون في الغابة.
جيء بأحسن المغنيات وأحسن الراقصات، ضاربات الدف وعازفي الطنابير وأخذت فطومة، وكانت أشهر مغنية غربي النيل تشدو بصوتها المثير:٥
انطق يا لسان جيب المديح أقداح 
الزين الظريف خلا البلد ..... أفراح
وجرجروا الزين وأدخلوه عنوة حلبة الرقص. فهز بسوطه فوق المغنية ووضع على جبهتها ورقة جنيه، وتفجرت الزغاريد مثل الينابيع.
اجتمعت النقائض تلك الأيام. جواري الواحة غنيين ورقصن تحت سمع الإمام وبصره. كان المشايخ يرتلون القرآن في بيت، والجواري يرقصن ويغنين في بيت المداحون يقرعون الطار في بيت، والشبان يسكرون في بيت، كان فرحا كأنه مجموعة أفراح. وكانت أم الزين ترقص مع الراقصين، وتنشد مع المنشدين، تقف هنيهة تستمع للقرآن، ثم تهرول خارجة إلى حيث يطهى الطعام تحث النساء على العمل، وتجري من مكان إلى مكان وهي تنادي : أبشروا بالخير أبشروا بالخير ..
وقالت حليمة، بائعة اللبن، تغيظ آمنة : 
أريتو يايمه عرس السرور .. 
أريتو يايمه عرس السرور ..

عرس الزين ... الطيب صالح

هل لديك تعليق؟

لن نقوم بمشاركة عنوان بريدك الالكتروني، من اجل التعليق يجب عليك ملئ الحقول التي امامها *