:

حرب السودان، بين الخطاب العاطفي والخطاب الأخلاقي

top-news

لسان الحال
كتب : د. مصطفى محمد مصطفى 

حرب السودان، بين الخطاب العاطفي والخطاب الأخلاقي 

الحرب هي الحرب سواء كانت بين طرفين او ثلاثة او تعددت الأطراف وتداخلت المصالح، ليس مهما من اشعلها في حسابات الضحايا وليس مهما إن كان أولها كلام وتهديد وصريخ او كان أولها قذائف وصواريخ، رغم ايماني التام بأن من أعد عدتها وأطلق شرارتها الأولى فهو مجرم ويستحق العقاب الا ان الضحايا لا يعنيهم كل ذلك فهم ضحايا.

 الحرب هي الحرب غايتها القضاء على العدو وقتله والوصول الى ذلك الهدف حتما يتطلب ذبح المقاتلين وقبل ذلك فجعهم في أموالهم وسبي نسائهم وتتفاوت تصرفات المقاتلين حينئذٍ حسب تربيتهم وحالتهم النفسية ومزاجهم وليس تماشيا مع القوانين الخاصة بحقوق الانسان التي يضعها (المستريحون في الغرف المكيفة) ونواتج الحرب تأتي وفقا لحالة المقاتلين وتفلتهم الاخلاقي عند قوة الاشتباك وشدة وطيسه، هناك، الميدان هو الحاكم ولا دموع، لا اعتذار ولا ندم على قتيل كان على وشك ان يقتلك. هي الحرب فلا تحدثونا عن فجائعها بخطاب عاطفي لا يلج من أوسع الباب، هي الحرب من دق طبولها سمع صداها وعليه هو وحده ان يكتوى بنارها لا ان يسميها بغير اسمها ويخاطب الجهلاء والمغيبين مستحثا فيهم مواريثهم الوجدانية ليوردهم الهلاك، ليس من الضروري ان تختبر كرامة الانسان بخوض الحرب والمحارق، وليس من الضروري ان تختبر قوة عنقه على حبال المشانق، حدثونا حديثا أخلاقيا عن فجائع الحرب ومن المسئول عن ايقادها وايقافها، واجيبوا على تساؤلات البسطاء منا، نحن نعلم انكم تسببتم في تهجيرنا من بيوتنا ثم أصبحت عرضة للنهب والدمار فلماذا؟ لماذا تقاتلتم في ديارنا وداخل غرفنا؟ قولوا لنا بربكم من المسئول عن قتل الأبرياء في دارفور والجزيرة والخرطوم؟ خبرونا لعنة الله عليكم من يجب عليه ان يتكفل بحماية السودانيين في غابات (أولالا) الحبشية؟ ومن المسئول عن طفلة هناك تم اعدام كافة افراد عائلتها؟ هل أنتم مهتمون لأمر الذين يموتون في الصحراء بين مصر والسودان؟ هل يعنيكم شأن من قضوا في معسكرات اللاجئين في تشاد؟ هل كنتم تعيشون مع من افترشوا الأرض في ملاجئ اسمرا من رجال ونساء وأطفال؟ أيها القابعون في الفنادق والشقق المفروشة في تركيا وماليزيا والذين يفتتحون جامعاتهم في تنزانيا وكينيا ويخرجون طلابهم المترفين في حفلات رقص بازخة هل أنتم منا؟ هل هي الاخلاق التي تقاسمتم معنا سماتها؟ إذا كنتم لا تعرفون الفرق بين العاطفة والأخلاق فاعلموا ان الاخلاق لها قسمين عندي، هما الاخلاق الفاسدة وبها تنطق الافواه النتنة لتخاطب العاطفة خطابا كذوبا، ومنها الاخلاق الحسنة التي تعطيك دون ان تترقب منك الشكر والثناء، ناهيك عن استجداء عاطفتك واستفزازها بمصطلحات النخوة والكرامة. هي حربكم لا حرب محمد احمد في حواشته بالجزيرة، هي حربكم لا حرب أبكر في خلوته وتلاوة لوحه، هي حربكم لا حرب ادروب تحت ظل شجرته وهو يداعب فنجان قهوته، هي حربكم لا حرب محمد صالح في حلفا مع علفه وجريد نخله، هم كرامتهم في عيشهم لا في حربكم التي ترجونها ان تحقق مصالحكم.

هل لديك تعليق؟

لن نقوم بمشاركة عنوان بريدك الالكتروني، من اجل التعليق يجب عليك ملئ الحقول التي امامها *

عبدالباقي بابكر عمر

اتفق معك في كثير مما ذهبت اليه يا اخي الكريم لكن لكي ننصف الضحايا لا بد من تحقيق العدالة لكي لا يعيد المجرم الكرة ونقول عفا الله عن ما سلف ولكن هذه التضحيات الجسام لا يجب أن تذهب هباءا أي لا بد من ميثاق وعقد اجتماعي جديد يضمن للكل حق العيش الكريم في هذه الأرض الطيبة وان لا تستأثر بخيراتها فئة معينة جهوية كانت أم دينية