:

ليس من دواعي سروري

top-news

لسان الحال


د. مصطفى محمد مصطفى
ان تفشل المحادثات بين الجانبين السوداني والامريكي ، وان تنتهي دون التوصل الى مجرد توصية بضرورة مشاركة الحكومة (ذات الشق الواحد) في المفاوضات المزمع قيامها في جنيف يوم 14.8.2024 ، وان يقول رئيس الوفد السوداني بين مزدوجتين " والأمـر كذلـك متـروك فـي النهايـة لقـرار القيـادة بتقديراتهـا"، كل ذلك ليس من دواعي سروري اذ ان هذا يعني بكل بساطة استمرار الحرب والدمار والتشريد ومعناة البسطاء والبسطاء فقط، ليس من دواعي سروري ان يمهر رئيس الوفد المفاوض بعبارة "ان الامر متروك للقيادة" وهي نفسها القيادة التي فوضته لمناقشة مصير شعب كامل وهو مبعوث وليس مرسلا لان المبعوث له صلاحية اتخاذ القرار بينما المرسول هو فقط لتوصيل الرسالة دون زيادة او نقص ولا يحق له التفاوض وتقديم التنازلات وتجاوز الضغوط المحلية والدولية والالتفاف حولها وغير ذلك من صلاحيات المفاوضين. لعله كان من الخطأ تفويض الحكومة لاحد منسوبي اتفاقية جوبا لرئاسة الوفد خاصة وانه ينتمي الى احدى الحركات المسلحة التي اعلنت خروجها عن الحياد وانضمامها للقتال بجانب القوات المسلحة ، مما يعني انه نفسه تشده قوتان احداهما موقف حركته والثانية موقف الإسلاميين في القوات المسلحة والذين ينفذون بامتياز توصيات مرشدهم العام من تركيا او من حيث كان.
   قبيل بدء الاجتماعات التشاورية بين الامريكان وممثلي البرهان كنت أقول بأنه  "إما الان والا للابد" ، وقد خيب الموفد ظني وتبين لي قصر نظره الذي لم يتعدى حدود مصلحة حركته ومن اوفده ولم يحمل في حقيبته هموم الشعب واوجاعه وانما ذهب ليفاوض وفقا لأجندة المترفين في الخارج وبورتسودان متناسيا غالبية المنكوبين في دارفور والجزيرة والعاصمة وغيرهما وليس له ولهم حجة سوى خروج المتمردين من منازل المواطنين والاعيان الحكومية وهي خطوة يمكن تنفيذها فور وقوف الحرب ووجود ضمانات لعدم الاعتداء غير أنها كلمة حق اريد بها باطل .
الجميع تناسي مقدمات الحرب واسبابها رغم ايماني التام بأن للحرب مقدمات ولها احداث ونتائج وفي كل مرحلة يوجد فاعلين تجب محاسبتهم الا انني كغيري من السودانيين ليس من دواعي سروري ان تستمر الحرب طالما أن الوعد كان بإنتهاء التمرد خلال ثلاثة أيام ثم استمرت المعارك  لعام ونيف جل انجازنا فيها تحرير مستشفى الدايات وإعادة تأهيله وتشغيلة ليوم واحد  او ادني.
اكثر ما يؤلمني الان ليس القوتين المتقاتلين فهما مجبولتان  على القتال وهذا دورهم في الحياة واعتقد ان بقاء احدى القوتين بالمفهوم العسكري يعتمد على فناء إحداهما،  ولكن الذي يؤلمنى حقا هو ان استمع الى بعض الاعلاميين يتحدثون من بروكسل ومن القاهرة ولندن يمدحون موقف فريق التفاوض ويؤججون نيران الحرب ثم يرسلون ارقام حساباتهم البنكية للقنوات الفضائية .

هل لديك تعليق؟

لن نقوم بمشاركة عنوان بريدك الالكتروني، من اجل التعليق يجب عليك ملئ الحقول التي امامها *