:

لسان الحال

top-news

واصلوا ثورتكم يرحمكم الله

د. مصطفى محمد مصطفى

بمجرد النظر الى عنوان هذا المقال سيقول المرجفون في المدينة: أي ثورة يا رجل؟ وانا أقول ثورة ديسمبر المجيدة التي كانت ومازالت عصية على ان تنطبق عليها نظرية الكاتب الكبير نجيب محفوظ حول الثورات حين قال "ان الثورات يخطط لها الدهاة وينفذها الشجعان ويسرقها او يستمتع بها الجبناء "،  نعم ما قاله الكاتب الكبير يمكن ان يكون صحيحا عندما نسقطه على معظم ثورات العالم على مدار التاريخ الا انه لن يصمد امام ثورة ديسمبر المجيدة التي وافقته ربما في واحدة وخالفته خلافا جليا في اثنين إذ انها تفردت بأنها لم يخطط لها الدهاة ولم يمولها العتاة ولم تخضع لضغوط العملاء الداخليين والخارجيين بل كانت نتاج تراكم للوعي الشبابي ونضج حقيقي لمفاهيم الوطن والوطنية والسلام والعدالة والحرية والتضحية والفداء كما انها ليست ثورة جياع محضة كما يحاول البعض ان يصورها فقد شارك في ساحاتها الأغنياء والفقراء معا ، وهي ليست ثورة مستضعفين في الأرض فقد كان الكثير من أبناء قيادات الحكومة البائدة  مشاركين في زحفها وارتكازها وميدانيها وتروسها ،وقد اقر احد قيادات السلطة بذلك  وتعجب من ان أبنائهم اصبحوا ينظرون اليهم دون احترام وكذلك لم تكن ثورة من اجل انتزاع السلطة  من يد الفئة الحاكمة وتحويلها الى اياد فئة أخرى يتم تحديدها مسبقا وتتبنى الاشراف والتمويل  بل كانت ثورة من اجل التغيير والتغيير فقط لذلك فقد كانت ثورة لم يخطط قادتها الشجعان الى الاستيلاء على السلطة ولم تكن لهم قيادة تم اعدادها وتشكيلها مسبقا، بل فقط كانوا يبحثون عن التغيير ،ثورة تم اختيار قياداتها من داخل ميدان الاعتصام وتم تكوين لجانها ميدانيا وليس في الغرف المكيفة، وحتى كياناتها وهياكلها كانت لتسير الحراك وليس لإدارة الدولة بعد الثورة ونجاحها، وربما هذا النهج الثوري المبني على شعار التغيير أولا ثم البحث عن البديل  هو نقطة ضعف ثورة ديسمبر الوحيد. هي ثورة وافقت ما قاله نجيب محفوظ فقط في كون قادتها ومنفذيها هم الشجعان، شباب لا يخشون الموت تحت آلة الفتك الانقاذية، لم يكونوا يهربون من قوات الشرطة والجيش والامن العام وكتائب الظل، بل اعتصموا بحبل الله المتين حول قيادة القوات المسلحة ولم يبالوا. هي ثورة لم  تترك للجبناء مجالا للاستمتاع بنتائجها  رغم انهم نجحوا في  سرقتها حين استوت واستقلظ عودها وتدلت ثمارها،  بل إن الذين سطوا على ثورة ديسمبر المجيدة أصبحت بالنسبة لهم حلما مزعجا ومصيرا محفوفا بالمخاطر وسبيلا الى الهلاك الاني والمستقبلي، ثورة ديسمبر أصبحت لدى سارقيها رهقاً وكأساً مسموما يتجرعونه قليلاً قليلاً حتى يوردهم الموت الزؤام، هي ثورة يحاول سارقوها الان تقيؤها ولكن لا مناص، هي ثورة بدأت واستمرت وسوف تستمر لأنها ثورة لتغيير المفاهيم وتطوير العقول وقد افرزت جيلاً اكثر وعياً بعد ان تخلص من التغبيش والتهميش هي ثورة ما زالت جذوتها مشتعلة في نفوس أبنائها وإن سجدوا في خشوع لخفوتها فهم حتما سيقفون لإكمال الصلاة في محرابها فقوموا الى ثورتكم يرحمكم الله  أيها الشباب اكملوا الصف الأول فالأول  وحازوا الصفوف ولا تتركوا فرجات للعملاء والسارقين .  

هل لديك تعليق؟

لن نقوم بمشاركة عنوان بريدك الالكتروني، من اجل التعليق يجب عليك ملئ الحقول التي امامها *