:

اليوم السابع من الشهر السابع عيد ميلاد أبي

top-news


بقلم : رغد حديد
أبي الذي رحل منذ خمسين يوماً...
أكتب حالياً وأصوات الطبول تدوي في الخارج، وأغاني الفرح بالنجاح تحيطني كيفما تحركت داخل المنزل.

ترتيب قدري يطبطب على قلبي، صدرت نتائج الثانوية العامة في عيد ميلاد أبي الراحل، وكأن هذا اليوم كُتب عليه أن يكون تاريخاً للفرح.

هو نفسه الترتيب القدري الذي كنت في الآونة الأخيرة أتأمل توالي أحداثه برحابة صدر، ومحاولةِ فهمٍ أعتقد أنني نجحت فيها:

لطالما كانت أمي تقول لي:
"بحياتي ما شفت طفل متلك كان يجمد لما تطلع الإعلانات التلفزيونية ويتابعها بشغف ".

ربما هي سرعة توالي المشاهد داخل الإعلان 
ربما هي الاغاني والألوان والحيوية في كل تفصيل من تفاصيل الإعلان، ما الذي سيشد الطفل غير ذلك؟ 
 
هي نفسها الإعلانات التي كان أبي يقلب عنها إلى محطات الأخبار، كان ينتهز الفواصل الإعلانية في أي مسلسل رمضاني حتى يتابع آخر الأخبار، لتتحول مهمتي إلى ترديد متواتر لهذه العبارات:

"بابا.. بابا... رجع ع المسلسل 
بابا.. ما بتمل من الأخبار؟ لا تروّح علينا المسلسل 
بابا.. ولله مشتهية شوف إعلان.. اي أنا بحب الإعلانات.. لا تغيّر عنها" 

دون أن يخطر في بالي لثانية واحدة أنني سأعمل في مجال الكتابة الإعلانية يوماً ما. 

غسول للأنف والجيوب الأنفية 

طاولات صغيرة 

خدمات تسويقية لشركة تسويق 

انهمكت في الكتابة بعد رحيل أبي، كان العمل منقذي وملاذي، لم أطلب وقتاً للاستراحة بل قلت لزميلي في العمل:

" مات بابا... شو في عندك شغل ابعتلي ياه"

ولأن زميلي فلسطيني من غزة، ولأن أخبار فقدان أحبته تتوالى عليه من غزة إلى السعودية حيث يعيش، فهو يعلم تمام العلم ما الذي يفعله الفقد بالإنسان، لذا لم يشكك مطلقاً في جودة إنتاجي خلال ظرفي الصعب، وبقي العمل على حاله. 

بالفعل كان تركيزي مضاعفاً في العمل -على عكس حاله في الشؤون الحياتية الأخرى- أنقذتني الإعلانات وعرفت كيف تشدني إلى عوالمها مثلما كان الحال عليه في صغري. 

تحضرني الآن جملة من المسلسل الألماني Dark:
"Every thing is connected" 

كل شيء متصل، ولا شيء يحدث عبثاً. 
وبالتأكيد أنه لا توجد عبثية في بوحي هذا الذي ترافق مع عيد ميلاد أبي، ليكتمل المشهد بموسيقا الفرح بالنجاح في الخلفية.

هل لديك تعليق؟

لن نقوم بمشاركة عنوان بريدك الالكتروني، من اجل التعليق يجب عليك ملئ الحقول التي امامها *