:

المجتمع الرعوي والدول الرعوية الردة لعالم سحيق

top-news



بقلم/د.نجم الدين صاح احمد

تعتبر الدول الرعوية دول مغمورهة تخطاها التاريخ نظرا للتوسع السكاني الذي طال الكره الارضية فاضحت أمكانية الاستمرار بتطبيقها أمر بالغ الصعوبة تواجه المهيمن على مقاليد الحكم للمجموعات السكانية الكثيفة والمتباينة عرقيا او التي تشكلت ثقافيا لتعطي انماط مجتمعية متباينة وسط النسيج العرقي الواحد. فالدولة الرعويه هي عادة ماتكون  سلطه لفئة قليله من المجتمع ترغب او تجبر مكونها الاجتماعي المحدود بفرض سلطتها تحت اهداف هي التي تختارها وفق المصالح التي تتناسب مع مصالحها او مع مجتمعها بصفة عامة و وفق رؤيتها وهي بذلك قادره على الضبط والسيطره بصوره مباشره دون اي نزاع الا من داخلها وعادة وفق معيار  اختلال مركز القوة والسيطره او تحت دواعي الارث التاريخي للحكم.
اما المجتمعات الرعوية فهي مجتمعات تدين بالانقياد بثقافه الحكم الرعوي وهي اقرب ماتكون لصفات المجتمعات البدائيه من حيث السلوك ولها  خلل في مستوى الانقياد بالنظم والضوابط العادلة كونها مجتمعات تؤمن بفكره عداله مستوى القوه والمكانه الاجتماعية التي تتيح تباينات لمستوى الحقوق والصلاحيات والممارسات بحيث تجعل للقوي حق التوغل في حقوق الغير والاعتداءات الجسديه جائزه ومقبولة في اطار حقه في التملك او اشباع الرغبات والغرائز في المال والعيش الكريم والتمتع حتى لو على حساب غيره ويجعل منه انسان يميل للاستعلاء وفق معايير اجتماعية تصنيفية قام بها المجتمع الرعوي المتوارث مما يجعل كل مجتمع رعوي تختلف تصنيفاته من الاخر وسط مجتمع الرعويين. وليس الزاما ان يعيش المجتمع الرعوي او الافراد الرعويين في عصور العهد الرعوي الذي تم تجاوزه تأريخيا ، فقد يتواجد المجتمع الرعوي او الجماعات الرعويه في المجتمع العصري القديم او الحديث وان نالوا من المكتسبات العصريه كالتعليم الحديث او الثقافه العصريه في الملبس والمأكل او حتى سرت عليه بعض القوانين العصرية التي تحكم المجتمع العصري في ترتيبات السلطه والممارسه وغيرها من الاتساقات التي تظهر هذا المجتمع كمجتمع عصري مدني.
ان المجتمعات المدنيه هي نتاج التضخم السكاني للمجتمعات متباينة التركيبة السكانيه عرقيا او ثقافيا اواقتصاديا وان  الدوله المدنيه هي  في الاصل اسلوب لاداره السلطه وسط هكذا تجمعات سكانيه من حيث العدد والتنوع وعليه فهي خيار لا بديل عنه لحكل اشكاليه التباينات التي يصعب ادارتها بطريقه الدوله الرعويه. غير ان المجتمعات المدنيه هي مجتمعات ذات تأريخ رعوي منصهر اوجدت لها بسبب التعايش او بسبب سلطه المجتمع المدني انماط اجتماعية تعتبر  هي كحد ادنى من درجات التعبير عن الذات تبدأ من المحافظه على الموروث الرعوي وتنتهي الي كل ماهو مستحدث من الصفات والسلوكيات والثقافات بحيث لا تتجاوز الحد الادنى المتوافق عليه والا صنعت صراع جديد بين المدنين والاكثر حداثه والاوسع افقا لمستوى الحقوق والسلوك. وهنا يجب ان نشير ان المجتمعات المدنيه يمكن تصنيفها على هذه المعايير الي مجتمعات رعويه محكومه بنمط حكم مدني ولكنها لا تستجيب وتؤمن بسلطه الحكم المدني ومجتمعات محافظه حافظت على موروثها الرعوي ولكنها اخضعت انفسها للحد الادنى من التوافقات للمجتمع المدني الذي يستجيب لسلطته ومجتمعات منفتحه تقبل الحدود المتقدمه للتوافقات المجتمعيه ولكنها لا تمارس او تطالب بمستويات مابعد الحد الاعلى للتوافقات المجتمعيه تحت منصه المطالبه بحقوق التعبير والعيش بالسلوك مابعد المتوافق عليه بزريعة الحريات وهذه المجتمعات الاخيره هي مجتمعات عادة ماتكون تحت رعايه دوله ليبراليه توفر سقف لا منتاهي في الحقوق.وعليه  فان الدوله الرعويه هي ارتداد تأريخي لا يمكن تحقيقه الا بقوه خارقه تتجاوز الكثافه السكانيه والتباينات العرقيه والتباينات الثقافيه ابتداءا من اختلاف الاديان انتهاءا باختلاف السلوكيات والذوق في كل منحى من مناحي الحياه، هذه القوه الخارقه هي السلطه الباطشه المحميه دوما او هي الرفاه في العيش الذي يصرف المجتمع المتباين على تناسي رغباته في الصراع على السلطه ليضمن استمرار مكتسباته وسمته. ثم من بعد كل ذلك القدره على الاستمرار في الحالتين بنفس الكفاءه او قل باكثر منها كون التكوين البشري لا تحده قوة من تجاوز رغباته فيما لا يمتلك عاده ومهما كان الثمن. اما المجتمعات الرعويه التي تعيش في عصر حداثي فهي شائعه وموجوده ولا يمكن انكارها وتبلغ مدى قوه وتماسك الدوله المدنيه بمدى تنازل افرادها عن ثقافه المجتمع الرعوي والجنوح لقبول الانصهار وفق ثقافه وادبيات المجتمع المدني وباستسلام لقوانين السلطه التي تحكمه.

 الاقطاعيون الرعويون المتدثرون بثوب التمدن باستخدام المال
يعتبر الاقطاع أحد الحقب التاريخية في تطور نمط العيش والحكم وهي تجربه غذت التاريخ بكم هائل من الابداع الثقافي كونها مجتمعات حافظت على أعلى معايير المدنيه في السلوك الظاهر والانتاج الثقافي الذي يعبر عن مدى تطور السلوك والمكتسبات بيد ان كل ذلك كان يقوم على وجهه اخر من ظلم لمواعين الموارد البشريه والانتاجية لانها كانت تأخذ كل ما يحقق لها التفوق الاقتصادي العصب الاساسي في مظهر الحياه الاقطاعيه للاقطاعيين على حساب اخرين سخرو (بضم السين) لذلك قسرا وبلا مقابل بل وسخرت ممتلكاتهم لصالح من يملكونهم من الاقطاعيين فيما يعرف بالعهد الاستعماري. وان وجود هذه الانماط من المجتمعات او السلطه بعد تجاوزها تأريخيا منذ خمسين عاما او اكثر هو وجود فانتازي مستهجن ان كان بنفس القسوه التي بنيت عليها المجتمعات الاقطاعيه القديمه وعليه فقد يتواجد وفق ثوب مدني عصري يدار ظاهريا بميكنه  وسلوك الدولة العصريه الحديثه ولكن يحافظ على نفوز وحقوق الاقطاعيين وقد يكون في ذلك اكثر تشابها وسلوك المجتمع الرعوي في الدوله المدنية العصريه الحديثة.

هل لديك تعليق؟

لن نقوم بمشاركة عنوان بريدك الالكتروني، من اجل التعليق يجب عليك ملئ الحقول التي امامها *