لسان الحال
- Auth admin
- 15 Nov, 2022
*قضية الهوية في السودان معركة بلا معترك*
بقلم/د مصطفي محمد
كثيرا ما يكذب الانسان ثم يكون اول المصدقين لكذبته، وكثيرا ما يكذب الانسان ثم يجامل المصدقين له وينساق امامهم او خلفهم ثم لا يجد الى العودة من سبيلا وهكذا حال الذين يدعون ان مشكلة السودان هي في قضية الهوية، وقد وقفت داعما لهذا الامر ردحا من الزمان ثم استدركت فوجدته لايصمد كثيرا امام ابسط درجات التمعن في الماضي والحاضر السوداني واشد درجات التفكير سطحية، الا ان المصطلح شكل حضورا اعلاميا لاغراض سياسية تسوقنا اليها تداعيات الحديث لاحقا.
فان كان المقصود بقضية الهوية كونها هوية دولة بحدودها الجغرافية فان السودان متوضع في افريقيا ويحتل صدرها وليس له اطراف ممتده في قارات اُخر، فالسودان كدولة بحدوها السياسية هو قطر افريقي الهوية ولاعلاقة بالضرورة لذلك بأي عوامل خاصة بسكان افريقيا او بسكان السودان بل بحكم الاسم الذي تم اطلاقه على هذه الرقعه من الارض وتخصيصها كقارة تحت اسم افريقيا. وكذا حال السودان كدولة قائمة في افريقيا تقطنها جماعات سكانية متباينة وفقا لتعريف الهوية وحسب التعريفات الفلسفية والاجتماعية وهوية الدولة بمفهومها العام حيث انها وحدة قانونية بين الوطن والمواطنين او المقيمين فيه فمن ارتبط بالسودان بحكم الميلاد او الاقامة ردحا من الزمان حسب المتفق عليه فهو يستحق الهوية السودانية المجردة، فيصبح سوداني الهوية ولايوجد اشكال فيما يتعلق بالجوانب العرقية او الثقافية او الاقتصادية فهو سوداني من حيث المبدأ، ولايلزمه ذلك بتبني عرقا محددا او ثقافة معينة بل يتماهى بشكل طبيعي مع البيئة التي نشأ فيها مضافا اليها العوامل الخارجية المؤثرة فيه مثل اللغات الجديدة او الاعراق الوافدة ومدى استجابته لتأثيراتها التي قد تصل الى حد التبني او التلبس التام مثل ما حدث للقبائل النيلة في شمال السودان ووسطه حيث تغلغت الدماء والثقافة العربية فأثرت في هويتهم الديمقرافية وليس الوطنية وكذا الحال بالنسبة لسكان الجنوب سابقا والذين حافظوا على نقاء عرقهم الزنجي مع تأثرهم بالغة العربية وثقافة العرب في القليل من المناطق او حال نزوحهم نحو الوسط والشمال. وكذا الامر بالنسبة لسكان اقاليم السودان الغربية فهم سودانيين بحكم وجودهم داخل الحدود الجغرافية للرقعة المعروفة بإسم السودان، وهم خليط متجانس من حيث الرابطة القبلية الواحدة ومختلف من حيث الثقافات والعادات والتقاليد بين القبائل المختلفة وهي اشياء لم يفرضها الوطن السودان وإنما هي من بنات افكار السكان انفسهم وقد تفرضها البيئة والظروف المعيشية وغيرها من المتغيرات السكانية. حتى هذه النقطة لا اجد نزاعا حول الهوية سواء بالنسبة للسودان كبلد افريقي من حيث الموقع الجغرافي وكبلد هجين من حيث البنية السكانية وهذا الاخير امر طبيعي ومتعارف عليه في كل دول العالم اذ يوجد بكل دولة مجموعات سكانية مختلفة من حيث الاصول العرقية والثقافية ومتباينة وفقا لاعراقها من جهة اللون والسحنات وحتى الجينات الوراثية وكل هذا لا يقدح في هويتهم الوطنية ولكن ربما قلل او زاد من حظوظهم في التعليم او الخدمات وربما الحقوق السياسية لاسباب متعددة، غير ان موضوع الهوية يظل ثابتا . ولعل من المفيد هنا الاستدلال بدولة جنوب افريقيا التي تتموضع في هذه القارة الا ان سكانها خليط من الافارقة الزنوج والهنود والبريطانيين ونتج عن تزاوج هولاء اجيال من الملونين او بالاحرى خليط من كل الفئات ومع ذلك لم نسمع بأن هناك مشكلة فيما يتعلق بهوية الدولة او هوية مواطنيها. وعند اطلاعي على بنود اتفاقية السلام الموقعة في 30أغسطس 2020 لم اجد فيها ادنى إشارة لموضوع الهوية وانما ركزت ابتدأ من البند الاول على قضية المواطنة بلا تمييز وليس اثبات الهوية السودانية للسكان بالمناطق موضوع الاتفاق وهي مسائل تتعلق بعدالة توزيع الثروة والخدمات والفرص الاخرى.
بقي امر واحد وهو موضوع نقاش منذ امد بعيد يتعلق بالانتماء الاقليمي للسودان كدولة تنقسم مكوناتها السكانية في الواقع الى اكثر من كونها إما عربية او زنجية اذ يوجد من هم ليسو زنوجا ولا تنطبق عليهم صفات الزنوج كما انهم لايمتون الى العروبة بصله ولكن اذا افترضنا ان سكان السودان هم اشباه عرب واشباه زنوج وزنوج اقحاح فان الانتماء السياسي للدول العربية لا يعني اكتساب الهوية العربية للافراد ويجردهم من هويتهم الاصيلة مثل ما ان الانتماء الي افريقيا جغرافيا لا يمكن اسقاطه على الهوية بالمعنى العرقي اذ ان كل دول الشمال الافريقي هم في الاصل اما عرب وهم قليلون جدا او امازيق و برابره كما هو في دول المغرب العربي تونس والجزائر وليبيا والمغرب او خليط من الارمن و الشراكسه والاتراك والعرب والنوبة كما هو الحال فيما تعارفنا عليه باسم جمهورية مصر العربية.
واعتقد ان الحل الذي ذهب اليه الدكتور جون قرنق بأن نكون سودانيين فقط هو حديث فيه قصر نظر شديد اذ ان ذلك لن يصمد كثيرا وسوف يكون بؤرة نزاع قابلة للانفجار ولايمكن ان نؤسس عليه علاقات سياسية اقليمية بهذه البساطة ذلك لان السودان يظل منتصبا بين محورين لافكاك منهما هما محور العروبة ومحور الافريقانية وبذلك ربما كان من الافضل للسودان ان يناضل من اجل هويته السياسية المختلطة ويظل دولة افريقية عربية بحيث يمكن لكل مكوناته السكانية ان تجد متكأءة لانتمائها العرقي وجذورها الوراثية .ثم ان العروبة في اصلها ليست سوى لغة كما اجمع على ذلك الباحثين ولايوجد عرق عربي بالاساس وانما هم اعراق مختلفة تتحدث العربية.
وخلاصة الامر فإني ارى ان موضوع الهوية والحديث عن الهوية العربية والهوية الافريقية إنما هو حديث سياسي افتعلته الحركات المسلحة بغرض التحشيد والدعم، كما تبناها بعض العنصريين من اصحاب الاحقاد الشخصية نتيجة لتجارب خاصة تعرضوا فيها للتنمر العنصري مما دفعهم لترويج هذه القضية والبحث عن ضحايا مختلقين، ولكنها لن تصمد كثيرا عند ارتفاع مستوى المعرفة والتنوير.
هل لديك تعليق؟
لن نقوم بمشاركة عنوان بريدك الالكتروني، من اجل التعليق يجب عليك ملئ الحقول التي امامها *
Ambunse
levitra manny ayala angelique lazo The dictionary marks the launch of a new campaign, It Starts With You, which aims to teach children and parents about online safety <a href=https://nolvadex.best>tamoxifen cost</a> STAT3 has been considered as a potential target in a series of diseases, including cancer and immune disorders; therefore, we wondered whether STAT3 could be a suitable pharmacological target to regulate bone metabolism and bone homeostasis
بحث
الاصناف
معرض الصور
الاشارات
مواقع التواصل
الاخبار المشابهة
الطيب عبدالماجد يكتب "في ذات يوم "
- Auth admin
- 15 Jan, 2025
عادل الباز يكتب المليشيا تتفكك
- Auth admin
- 15 Jan, 2025