البديل برس الأخباري

الاخبار العاجلة

محمد عباس يكتب :"الخرطوم لا تموت"

Dr Abas
04 Jul, 2025
33

شركة شحن

مدينة تنهض من الرماد في قلب أفريقيا، حيث يلتقي النيلان الأبيض والأزرق، عاشت الخرطوم لا كمدينة فقط، بل كرمزٍ لصمود لا يُقهر… مدينةٌ طالما كانت مركز القرار، ومهد الحضارة، وعاصمة الحلم السوداني.

رغم ما حل بها من دمار، رغم الجراح التي خلفتها ميليشيات الجنجويد المحتلة، ورغم الخراب الذي طال الحجر والبشر، فإن الخرطوم اليوم تنفض عن نفسها غبار الألم، وتستعد كما فعلت مرارًا لأن تعود أقوى، أنقى، وأجمل. لقد مرت الخرطوم عبر تاريخها بمحطات مؤلمة: حين رزحت تحت الحكم الثنائي الإنجليزي–المصري سنة 1899 حيث استشهد الخليفة التعايشي.

لكنها انتفضت وعادت من جديد بقيادة ابناؤها الخُلص وكفاحهم ووحدتهم لتشهد الاستقلال في 1956 فأزدهت وشمخت ، ثم تقلبت بها الأحوال بعد ذلك حين صمدت في وجه القصف، والعقوبات، والانقلابات، والحصار…ثم الحرب لكن الخرطوم لم تخن أهلها يوماً. كانت دومًا الملاذ والبيت الكبير. مدينة استوعبت أبناء الغرب والشرق والشمال والجنوب، واحتضنت النازحين، والطلبة، والبسطاء، والحالمين.

اليوم، وبعد أن تدنّست شوارعها، ونهبت منازلها، ودمّرت مؤسساتها، فإن الواجب الوطني والتاريخي يدعونا جميعاً لنقول: من غيرنا يعيدها سيرتها الأولى؟" من غير شبابها ؟ من يُحيي أسواقها؟ من يعيد صوت الأذان في مساجدها؟ من يعيد الكتب إلى رفوف جامعاتها؟ من يزرع الورد على أرصفتها؟ نحن — أبناء الخرطوم — نحن والنيل وملتقى النيلين، من نعيد بناء هذا الحلم. لسنا مجرد ساكنين لها، بل نحن الروح التي لا تموت فيها. كل شجرة تنتظر من يسقيها كل حجر ينتظر لمسة لينبض وليؤسس للبناء.

لن ننتظر عودة الخدمات لنبدأ، لأن الخدمة الحقيقية هي في أن نخدمها نحن بسواعدنا . نكنس شوارعها، نصلح نوافذها، نعيد بناء الجدران التي تهدمت في القلوب قبل البيوت تلك الجدران التي احتضنت همسنا وصخبنا وضحكنا ودموعنا . يا شباب السودان: لا تيأسوا، فالتاريخ معنا ينتظر ان نبث الروح في الطرقات والجدران لا تترددوا، فالوطن ينادي وسيسمع النداء من كان قلبه موصولا بالحنين لا تهاجروا في قلوبكم، فعودوا بأمل لا بحسرة.

الخرطوم عائدة بعودتنا... لا بقرارات الأمم المتحدة، بل بأذرعكم الطاهرة، وضمائركم الحية، وقلوبكم التي لم تخن معاً… نكتب فصلاً جديدًا من التاريخ ولنثبت للعالم أن الخرطوم، وإن انكسر جسدها، فروحها باقية لا تُكسر. القومية تجمعنا الوطن اولا

شركة جريس لاند لخدمات الشحن المختلفة