:

حرب العصابات..وزوال القِيم  للمجتمع الدولي

top-news
شركة شحن


بقلم/نجم الدين صالح 

كان يمكن أن نطلق على العنوان حرب المدن والحروب التقليدية لوكان اهتمامنا  بالمفهوم العسكري لحرب المدن والحروب التقليدية... ولكن معنيون أكثر بالنواحي الأخلاقية والدوافع الاستراتيجية لإختيار حرب المدن وأقصد بذلك حرب المدن على طريقة حرب العصابات.
الحروب التقليدية حروب فيها إعلاء لبعض قيم الشرف فهي حروب ترتكز على القيام بعمليات عسكرية بين طرفين عسكريين يسعى كل طرف للإنتصار ولا يسعي لقتل الخصوم المحاربين حتى يحقق أهدافه السياسية أو الاقتصادية وهي بذلك حروب نخبوية ذات صراع نخبوي لا تسهدف كثيرا المجتمعات إلا عرضا أو كوسيلة جزئية للضغط المجتمعي على حواضن الخصم. ويمكن أن نلحظ ذلك أيضا في عمليات الانقلابات العسكرية والتي تكون في شكلٍ إنتقائي لما يعرف بمراكز القرار السياسي والعسكري فلا تستعدي السياسيين وإنما قادتهم ولا تستعدي الجيوش وإنما قيادتها وعادة ما تتم بطريقة سلسة لإثبات أنه تغيير سياسي أكثر منه حرباً على مؤسسات الدولة لإسقاطها .
وحتى التمرد العسكري الذي يكون من الأطراف على المركز تجدُه يهاجم مركز سلطة الجيش في الأطراف ولا يشن حربه بين الأطراف على المركز فيما يعرف بحرب الهامش على المركز أو كما في المجتمعات الرعوية حرب قبائل الأطراف على قبائل المركز والذي هو أشبه وأقرب للحرب الاهلية.

عودة لحرب العصابات فاظُنه  أسلوب  مستحدث تستخدمه حالياً الدولة الامبيريالية العالمية العميقة (المستعفمرين القدامى وربيبتهم أمريكا) وهي بذلك تقوم بما يصعب تنفيذه في ظل الشعارات الاخلاقية التي رفعتها إبان نهاية الحرب العالمية الثانية ضد الألمان بعد أن قضو على العدو الحقيقي بالنسبة لهم وهو الدولة الإسلامية المتمثلة في الخلافةِ العثمانية في الحرب العالمية الاولى وادخلهم هتلر في ظل طموحاته الوطنية لمذاحمة الامبرياليين من المستعمرين القدامى لنفوذ وأراضي الأسد الجريح (الدولة العثمانية)، هذه الشعارات أصبحت قيداً يكبح جماح التغول على الموارد بصورة استعمارية صارخه و من رغباتهم المدفونة وتاريخهم ومعتقداتهم  كمغتصبين لموارد الشعوب وعليه فقد ابتدعوا هذا النوع من الحروب بهدف  تفريغ هذه الشعوب من أوطانها وإلى حصدهم بآلة الحرب وإلى جعلهم بلا وطن وبلا قدرة على استجماع إرادتهم عبر صناعة الفتن والانقسامات العميقة. ويصاحب كل ذلك حرب ضروس بلا أخلاق تسحق القيم تستهدف الشعوب أكثر من استهدافها للجيوش وتستهدف الموارد أكثر من استهدافها للقوة العسكرية وتستهدف الخدمات التي تبقى الإنسان له القدرة على الاستمرار في العيش في أرضه وتجنحه قسراً وقهراً للهجرة والنزوح منه. إذن فهي حرب غير أخلاقية وغير شريفة..مُورسَت في أفغانستان وفي البوسنة والهرسك وفي الصومال  وفي مالي وفي العراق وفي سوريا وفي اليمن وفي ليبيا وتمارس في السودان وفي فلسطين وستمارس في كل مكان للشعب الحق أن يكون حاكماً(الجمهوريات) وتستثني بلاد الحكم الملكي والأميري .. الأمر الآخر ستجد أنها تعتمد على مشاريع داخلية فهؤلاء الامبرياليون لا يحبون أن يظهروا كمخالفين لما يدعون رعايته من قوانين خوفاً من أن يدخل عليهم  نفس الداء وهو داء الانفلات الرعوي لأنهم وبالأخص ربهم الأعلى يعلم أن بداخله مارد كبير مقيد بالقوانين إسمه الانفلات والبلطجة والعنصرية وكل ماهو نتن. وستجدهم مضطرين أن يظهروا (بضم الياء)طرفاً إقليمياً ممن يروهم رعاعا كأطراف راعية وداعمة لهذه الحروب وهؤلاء الرعاع  بذلك يكونوا قد دفعوا ثمن ما سينالوه من إعفاء مما سيقع على إخوانهم وهو نفس الجزاء الذي تتلقاه هذه الشعوب المستهدفة لمواردها نتيجة النظرة الدونية التي يراهم بها هؤلاء المستعمرون القدامى.
هذه الحروب فن جديد مستخلص من تجارب المجتمعات الرعوية  غير أن المجتمعات الرعوية الشرقية كانت لهم بعض الأدبيات التي تقدم نموذجاً للشرف وإحترام الكبرياء بعكس المجتمعات الرعوية الغربية التي امتازت بالجلافه والأخلاق الرخيصة الوضيعة في كل ماتقوم به. وأن هذه الرده الأخلاقية في المجتمع الدولي هي أشبه بحالة الإنحطاط التي عاشها العالم قبل الدولة الإسلامية وتغيرت بتوسع الدولة الاموية والعباسية وحتى بدايات الدولة العثمانية فقد جعلت المجتمع الدولي أكثر إحتراماً للإنسان كقيمة وعادت مع زمان المستعمرات الغربية ولم تلجم (قوانين الامم المتحدة التي أنشأها المستعمر القديم بعد الحرب العالمية الثانية) ظهورها مره أُخرى لأنها قامت على أُسس غير عادلة أولها أن تتحكم ثلاث دول ذات تاريخ غير مشرف في القرار العالمي وأن لا تكون لقارتين كاملتين هما صاحبتا 75% من الموارد العالمية ولا صوت واحد في مجلس الظلم المذعوم  بسبب النظرة الدونية العنصرية لهؤلاء الامبرياليين. كل هذه الرده للاخلاقيات التي تحكم المجتمع الدولي وكل هذه الوسائل من حروب المجتمعات الرعوية الوضيعة يجعلنا في مفترق سبل بين الإستسلام والعودة لعصور الإستعمار والهوان أو أن تجد الشعوب المستهدفه طريقاً تتصدى فيه لما تتعرض له منذ ثلاثون عاما أو اكثر من حملة بربرية شرسة تستهدف وجودها ومواردها.

شركة جريس لاند لخدمات الشحن المختلفة

هل لديك تعليق؟

لن نقوم بمشاركة عنوان بريدك الالكتروني، من اجل التعليق يجب عليك ملئ الحقول التي امامها *