شركة جريس لاند لخدمات الشحن
شركة جريس لاند لخدمات الشحن
الطيب عبدالماجد يكتب في ذات يوم العزيزة ….!!

- Auth admin
- 23 Aug, 2024
- 153
شركة شحن
عندما خرج الناس من بيوتهم يومها بسبب الحرب متجهين صوب المجهول …..!!
( واهم ) من يعتقد أن أرواحهم قد خرجت معهم ….!!
الروح بقيت هناك ترفرف في ذلك المكان الذي يحمل شجونهم وشؤونهم …..!!
أسرارهم وأحلامهم…..!! قصصهم والحكايا ….
أنفاسهم والضياء ……!!
كل ركن فيه يحكي قصة ….وكل حائط فية ( مرآة ) سجلت مشوار حياة …وقصة ناس ….!!
( ويا معاين من الشباك…ويا أحلى زول شفناك )
هنا تتساوي البيوت ..ولاتفرق بين ( فيلا ) فسيحة وبيت صغير في مكان بعيد ….
فالروح واحدة …والنفس أمارة ( بالبوح ) ….
ركبت ( عزيزة ) ذلكم ( البص ) العنيد المتجه الى الحدود السودانية المصرية برفقة بناتها الثلاث وأحد أبنائها ..
فالثاني في بلاد الاغتراب يدير عملية ( الإجلاء ) بقلبه وماله والروح ….!!
وقد اختار مصر …فوالدته تعاني بعض المشكلات الصحية وخشي من تداعيات الحرب في الداخل المنكوب
وانعدام ( الأنسولين ) …!! وأشياء أخر
وقد استقرت ( عزيزة ) في ذلك الكرسي الصامت
وتركت وراءها كل شيئ ….!!
حتى ثوبها الذي كانت تصلي به ( العصر ) حاضراً تشكر الله وتحمد …!!
نسته معلقاً على الكرسي الذي تجلس عليه للصلاة …
فقد خانتها أرجلها في السنوات الأخيرة…
وهي التي لم تخون …!!
وسريرها الذي تأوي اليه كل ما استبد بها التعب تاخد ليها ( جمة ) بعد رهق يوم طويل ومن ثم تواصل الدوران …!'
ترعى أسرتها الصغيرة ….وهي التي تحتاج الرعاية …!!
لكنها ( الأم ) وإن عزت الدنيا ….!!
بتها ( إمتنان ) في الجامعة ( فاينال ) حاسوب
و ( فايزة ) في مكان عملها بمتحف التاريخ الطبيعي و ( اعتدال ) التي تعمل في إحدى شركات الإتصالات وابنها الصغير ( محمود ) الكبير بمسؤلياته فهو سندها هنا والبنات ….!!
فقد غادر أخوهم الأكبر ( قاسم ) قبل أوانه متجها الي ( حفر الباطن ) السعودية يحفر في الصخر والخاطر من أجلهم حال الكثيرين من ضحايا الغربة المبكره والاغتراب المشحون بالفرح والحزن والإنتصار والأمل….والانكسار …!!
ومرات هزيمة
وحليل ناس ليلي ساعة الليل يجن ….!!
استعجلهم ( محمود ) للخروج فقد اقترب صوت الرصاص كثيراً ليلحقو بالمركبة ….التي خدع شيطان الحرب ربانها فرفع الى ما فوق السقف …!!
وهو لا يدري أن سقف السماء أكثر مطراً وغيث …!!
( مسكين …!!
استغل لحظة عابرة وترك ناضرات السنين ) …!!
( النفس المريضة ما بتعرف إنو العند الله نجيضة )
نظرت ( عزيزة ) من النافذة ….!!
وما أن بدأت عجلات ( البص ) في الدوران …بدت هي وكأنها تستجديه الوقوف ….!!
( وكان حنيت علي مره …وكان وقفت عجلاتك ….!!)
فالروح لاتقو على مفارقة المكان والديار ….
ويا قطار الشوق ده ليل الغربة فيهو ودار
لكنه تحرك غير آبه برجاءها المكتوم ..وعادت هي بخاطرها الجريح إلى رحاب بيتها الذي قضت فيه ( أبهى ) سنوات عمرها …..
تصنع الدعاء لأبنائها ….ويمنحوها الرجاء…!!
تتذكر كل شيئ فيه ….وهي القادرة على الوصول الي
( علبة الملح ) وحبات ( التوم ) وباقة الزيت والكبريتة بلمسة يد ….!!
فقد كانت تحفظ كل المكان ….وكل ( شق ) في الجدران
وتلكم الملاعق والصحون ….تكاد أن تحدثها …!
وحتى ( السكينه ) تغشاها ( سَكينة ) في يدها وهي تقطع الحلال ….!!
وذلك ( الدولاب ) العتيق والذي بقي واقفاً في وجه الزمن وشاهداً على ( العمر ) …!!
تختبئ بداخله ذكريات وشجون وله عطر ورائحة
وكل ثوب فيه يحمل في ثناياه قصة وحكاية
وتلك ( الفردة ) التي اشتراها لها لها المرحوم قبل سنوات خلت تتأملها أحيانا فتمنحها شعورا بالأمان…ودفئاً خاص
وريحتو فيها ..
تذكرت صورة ( جابر ) أبو الوليدات رفيق دربها وصنو حياتها والذي رحل وتركها في منتصف الطريق بعد أن منحها كل الحب والاحترام …!!
ووقود من العواطف كان كفيلاً بأن يبقيها بهذه الصلابة في مواجهة الحياة …!!
فقد كان بينهما سكن وود ورحمة ….
وعشرة الأيام …
خرجت وتركت صورته معلقة في الصالة بنظارته السميكة وملامحة الودودة …. ووجهة الوضيئ
بكت عزيزة كما لم تبك من قبل وهي تهم بالخروج ….
فقد تركها ( جابر ) ذات مره …وهاهي تتركه الآن
وقد فجعت برحيله مرتين …..!!
وقفت أمام صورته تتأمل …..!!
نفضت عنها بعض غبار عالق ….!!
وقالت ليهو إن شاءالله بنجي صادين ما بنتأخر
يا ( أبو قاسم ) …!!
ودعناك الله والرسول …!
وبكت من جديد …!
وقد بدت شاردة الذهن مشتتة الأفكار ولولا سَكينة الله وطمأنينته والتي يمنحها الله لمن يشاء من عباده الصابرين لما قويت على الصمود ….!!
فقد قضت في هذا البيت ثلاثة عقود وقد بناه المرحوم قطعة قطعة بعد أن منحتهم الخطة الإسكانية وقتها الأرض ونشروا اسمهم في الجريدة ..في تلكم السنوات البعيدة ..!!
والقتال الآن على الأرض تنشره الفضائيات ..وصفحات الأسافير ….!!
غابت الجريدة …ورحل ( جابر ) ……!!
وبقيت العزيزة …..!!!
وسارحة مالك يا حبيبة
ساهية وأفكارك بعيدة ……
( الباص ) يخترق الأماكن والقرى على جانبي الطريق …
وعلى غير العادة تشعر بمسحة حزن تطل من فوق
رؤوس البيوت …والشجر يبدو باهتاً وكأنه يسأل ..
مالكم ياناس …في شنو ..؟؟؟؟
كل الأماكن تبدو مهمومة رغم ابتعادها النسبي عن مناطق العمليات ….!!
لكنه السودان الجسد الواحد …وكله موجوع ….!!
( ولو سألتو علينا كنتو عرفتو نحن الليله وين ) …!!
وصلو بعد معاناة إلى ( المعبر ) وبعد تعب وجهد عبروا
إلى الضفة الأخري …!!
( ولم تعبر الروح ) …!!
وقد ظهرت لافتة كبيرة مكتوب عليها
( ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ)
فرددت في سرها …!!
اللهم ارجعنا الى ديارنا سالمين
فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا ….!!
ولن يغلب العسر ( يسرين ) …!!
فالرخاء لايزامن الشدة ..ولكنه يأتي بعدها ….!!
( فنزلت السكينة على قلبها المكلوم )
إنه وعد الله
( إمتنان ) قالت لي أمها ( نضارة )
ابوي شلتها من الدولاب وجبتها معاي …
اهتزت العزيزة وربت فجابر حاضر
وصلوا إلى هناك عبر معبر ( أرقين ) وسيعودوا بمشيئة الله عبر بوابة الثقة واليقين
ستعودي يا وديعة …!!
لن يتركك الله وحدك ……ولن يتركنا
وستعود الحياة للبيت وللخواطر ( جابر )
سيأتي الأهل والحبان والجيران ….!!
يتبادلون القصص والحكايا ….ويحمدون الله كثيراً
ويا الوحيدة الطال عشان جيتك وقوفنا …!!
العزيزة ….!!
( الثوب لازال معلقاً هناك يحرس المكان )
سننجو
شركة جريس لاند لخدمات الشحن المختلفة
هل لديك تعليق؟
لن نقوم بمشاركة عنوان بريدك الالكتروني، من اجل التعليق يجب عليك ملئ الحقول التي امامها *